الثلاثاء، 17 يناير 2012

حياة الجبال


أن الحياة الفي جبال الإمارات لها طابع خاص يشمل النواحي الإجتماعية والإقتصادية إنطلاقًا من تأثير البيئة الجغرافية المميزة لسلسة الجبال والتي بحكم إختلافها عن باقي البيئات ألزمت السكان على أن يتخذوا عادات خاصة تلائم وتتوائم مع الطبيعة الوعرة والمعيشة الصعبة.

الحياة الإجتماعية توجد عدة خصائص وحقائق كان لها الأثر الكبير للحياة الإجتماعية والأخلاقية لقبائل رؤوس الجبال و أول تلك الخصائص هي أنهم قوم جبليون يقطنون الأقليم الجغرافي المسمى برؤوس الجبال الذي يتميز بكثرة الخلجان و الفيوردات حيث يقول المسعودي في مروج الذهب ومعادن الجواهر : (( ثم الجبال المعروفة بكسير وعوير وثالث ليس فيه خير ، ثم الدردور المعروف بدردور مسندم ، ويكنيه البحريون بأبي جهرة ، وهذه مواضع من البحر ، وجبال سود ذاهبة في الهواء لا نبات عليها ولا حيوان ، يحيط بها مياه من البحر عظيم قعرها ، و أمواج متلاطمة تجزع منها النفس إذا أشرفت عليها)).
ولذلك فقد أنطبعت حياتهم بكثير من الخصائص التي تختلف عن سكان الساحل والصحراء ، وينقسم السكان إجتماعيًا إلى قسمين :

أولًا: سكان الجبال ويسمونهم البداه ثانيًا: سكان الساحل وهم الحضر



(( وهم في حكم الجبلين كون الساحل في منطقة رؤوس الجبال أزقة ضيقة تعلوها الجبال )) .
(( وقد أثرت البيئة الجغرافية في السكان وهم ينتقلون في حياتهم اليومية وسط الجبال والسهول ويركبون البحر ويغوصون في أعماقه كل هذا أثر على تركيبهم الجسماني فصار صلبًا قويًا ، ولإختلاطهم بحكم موقعهم الذي يقطنون فيه بالشعوب المجاورة لهم وكثرة أسفارهم في جزر الخليج مثل هنجام وطنب وبحكم أن بعض الجزر القريبة من الساخل لم تعرف غيرهم ؛ أضفى ذلك على بعضهم بعض الملامح والسمات المختلفة نوع ما كتفتح لون البشرة حيث أن الغالبية العظمى من أهل الجبال يغلب عليهم اللون الأسمر العربي.
ولإهل الجبال لهجة خاصة بهم تتكيز بسرعتها وفخامتها وهذه اللهجة عربية خالصة غير أن الحبلين غيروا وبدلوا في الحروف والكلمات ورققوا بعظها وفخموا الأخرى .
وهم من أهل السنة والجماعة يتبعون المذهبين الشافعي والحنبلي ولقد اعتنق اغلبهم الدعوة الوهابية فور وصولها إلى المنطقة وأعتنناق القواسم لها .
وعليها فإن الطابع الجغرافي المميز لهذه المنطقة  وتميز أهلها بلهجتهم العربية الخاصة منذ قديم الأزل ، وكذلك إعتناقهم للدعوة الوهابية المجددة لعقيدة أهل السنة والجماعة ، كل هذه الخصائص مجتمعة صبغت الحياة الإجتماعية بلون يتسم بالحدة والعصبية الدينية والقبلية والسياسية وإعتناق معاني الرجولة والشهامة والكرامة والمروءة .
ولا ننكر في هذا المقان وحود إختلافات بيئية جبلية في سبيل المعيشة وطرق الحياة اغير أن طابعها العام متشابه إلى حد بعيد ، فقد لجأوا كلهم إلى الجبال والصخور ليتخذوا منها منزلًا ومسكنًا في الكهوف وبنوا من الصخور العملاقة  دوًا وبيوتًا لها التصميم الخاص بهم .

تاريخ المنطقة







ونرؤوس الجبال تاريخ عميق وغوص في أعماق الالبشرية  ورد ذكرها في الكتابات القديمة مر بها محاربون ومستكشفون وأنلقت منها الغارات وصدت بدماء أبنائها الغزوات.
والمقام هنا ليس من أجل التاريخ الذي مرت بها هذه المنطقة وإنما لتعريف العالم بحياة أبائها ، وهم مجموعة من القبائل التي شكلت في الماضي والجاضر مجتمع الجبال الذي كان بحكم الواقع والحال متصلُا بالمجتمعات الصحراوية والساحلية المجاورة له .
أن ثقافة الجبال وتراثها وعاداتها وتقاليدها هي غرث حضاري مشترك بين لقبائل الظهوريين والشحوح والحبوس وبني شميلي ، وهذه المجموعات القبلية كلها عربية الأصل والمنبت وإن كانت مختلفة النسب بين قحطان وعدنان فقد جمعتها أخوة الدين والعرق ووحدتها وتربة الأرض وشدة أواصر هذا وذاك وشائج التواصل الإدتماعي والنسب .
عاشت هذه القبائل ولازالت وفق مبدأي إحترام القبيلة وتكامل القبائل فيما بينها ، ولذلك برزت عادات مهتمة بالتواصل الإجتماعي والتكامل الإقتصادي فيما بينهم ، ولم يقتصر الأمر على هذا بل برز هذا التكامل في جبهة الدفاع المشترك التي شكلتها القبائل عند كل طارئ يطرأ على المساس بالأرض والوطن .
إن أعطاء هذه النبذة اليسيرة هو الكافي في هذا البحث دون الغوص في أصول النسب و تفرعات العشائر والبطون وأماكن السكن لاسيما ونحن نتكلم عن مجتمع جبلي شكلته هذه القبائل لكل منها في هذا الإرث نصيب مشترك .